في عام ١٩٥٥ قرر روبرت فرانك أن ينطلق في رحلة طويلة لمدة عام حول الولايات المتحدة الأمريكية في سيارته أحد أعظم المشاريع الفوتوغرافية في التاريخ. ( The Americans ) الفورد المستعملة ، فتحولت هذه الرحلة لاحقاً إلى هو أحد التحف الفنية عمل «الامريكان» يقول الناقد بيتر شيلدال الأمريكية الأصيلة من بين كل خامات الفن على مدار التاريخ “ .
وظيفة الفنان في نظري إما أن يكون نافذة أو مرآة لمجتمعه ، استطاع روبرت فرانك أن يعرض المجتمع الأمريكي للعالم في تلك الفترة ، كان مرآة و نافذة في آن واحد ، استطاع أن يُشعر العالم كيف يعيش الفقير و الغني ، ابن المدينة و ابن الأرياف ، الأبيض و الأسود ، المحبوب و المنبوذ ، استطاع أن يبرز العاملين الكادحين و النائمين على الطرقات ، استطاع أن يظهر السياسي المحنك و رجل الدين . استطاع روبرت فرانك أن يحكي قصة مجتمع و حضارة مرجع للحضارة الأمريكية في فترة The Americans كاملة في مجموعة صور لكنها ليست مجرد مجموعة صور فاليوم الخمسينات .
في الفوتوغراف تكمن أساطير المصور ، و تتجلى أهمية “ :
( Roland Barthes ) يقول رولاند بارثز هذه الأساطير بإعطاء وظائف للفوتوغراف تصالح بينه و بين المجتمع -فالصورة الفوتوغرافية خطرة!- وهذه الوظائف هي : الإخبار و التمثيل و المفاجئة و التسبب و الدلالة و إثارة الرغبات و استفزازها”.
يبدأ الكتاب بصورة لنافذتين فيهما شخصين يغطي وجه أحدهما الظل و يغطي وجه الأخر علم الولايات المتحدة و كأنه بهذه البداية سيفتح بوابة هذا المجتمع من خلال هذا العمل .
و سترى خلال رحلتك في الكتاب أن العلم الأمريكي يتكرر بكثرة ، يقول روبرت : “ هنا ، الناس فخورون بعلمهم بعكس بعض الدول التي لا تجد الناس فيها يهتمون كثيراً بعلم دولتهم “ . كما أن الكتاب يحتوي على لقطات من اللحظات الشخصية جدا للناس كالمآتم و الأفراح ولحظات الحب و لحظات الحزن و لحظات الندم و الحسرة
في إحدى الصور ترى جمع من الطلبة في يوم تخرجهم و ترى كهلاً يجلس في جانب ممر الطلاب وترتسم على وجهه ملامح لا تُحكى بالكلمات فهي تحمل مشاعر الأسى و الحسرة و كأن قطار الحياة قد فاته . وفي صورة أخرى ترى مشهداً من قطار مفتوح النوافذ و محمل بالركاب يظهر فيه شاب أسمر البشرة من نافذة و يطل طفلان مختلفة أعمارهم من نافذة أخرى و سيدة بيضاء من نافذة و فوقهم نوافذ زجاجية غير قابلة للفتح غالباً ترى فيها انعكاسا لمشاهد ضبابية مختلفة وكأن الصورة تختزل قصة المجتمع بالكامل . مهما أطلت الكلام عن الصور تظل الكلمة كلمة و تظل الصورة صورة ، و لست ممن يؤمنون بأن الصورة تساوي ألف كلمة فالكلمات و الصور لغتين مختلفتين للتعبير و أرى أن روبرت فرانك شاعراً قد أصدر ديوانه لكن سجع قصائده بلغة الفوتوغراف .
«لست ممن يؤمنون بأن الصورة تساوي ألف كلمة فالكلمات و الصور لغتين مختلفتين للتعبير و أرى أن روبرت فرانك شاعراً قد أصدر ديوانه لكن سجع قصائده بلغة الفوتوغراف .»
سرد٢٤