ازدهر الفن السعودي بشكل عالمي في العقود الأخيرة وبدأ يأخذ أنفاسه فوق سطح الماء بظهور مميز على خارطة الفن العالمية. ومع انتشار معارض الفن في معظم أنحاء المملكة العربية السعودية ولاسيما الرياض وجدة والمدينة المنورة والخبر ظهرت الحاجة لقيمين فنيين سعوديين لديهم الخبرة بتاريخ الفن السعودي والعالمي. ليكون لدينا تقييم للأعمال الفنية المميزة بعيدا عن المجاملات الشخصية والمصالح المحلية والواسطات الإجتماعية. وبهدف تأهيل قيمات سعوديات تعاون المجلس الفني السعودي – الذي يعني بكل مايخص الفن السعودي بفنانيه ومعارضه وتطويره- مع المجلس الثقافي البريطاني – الذي يعني بتطوير الثقافة والتعليم والفن في السعودية- في برنامج لاستقطاب مهتمين بالفن والتقييم، وأعطوا الفرصة لستة انتخبوا بعد تصفية مدروسة لينضموا لبرنامج «جماعي ومعاصر» معد من المجلس الثقافي البريطاني ليتدربوا على أفضل الممارسات في إدارة الفنون ومهارات تصميم المعارض الحديثة، هدف المجلس الفني السعودي من البرنامج إيجاد مساحة عادلة ومناسبة لعرض الأعمال الفنية السعودية بطريقة علمية حيادية ومنطقية. وقد التقت مجلة ديزاين بثلاث من مجموعة المتدربات الست اللواتي شاركن في برنامج «جماعي ومعاصر» الذي هدفه تآهيل قيمين يساعدون الفنانين السعوديين في أساليب عرض وسرد قصص الفن السعودي الذي يُظهر الهوية السعودية على المستوى المحلي والعالمي ٠
رنين بخاري من الخبر مسؤولة عن تنسيق معرض «تراث الصحراء» أرادت انعاش الفن في منطقة مدينة الخبر ليواكب النهضة الفنية المتطورة أكثر في العاصمة الرياض والميناء الغربي جدة، وهي أيضا من منظمين برنامج «الفن الصارخ» ((لاود 111 آرت)) الذي يوفر مساحة تجريبية للفنانين الصاعدين. وتتابع الاستاذة رنين بخاري حديثها وتوضح أن هذه البرامج التي شاركت فيها لفتت نظرها لموضوع التقييم الفني، ووجدت نفسها في مجال التقييم وقررت تطوير معلوماتها وخبرتها في هذا المجال.. وعندما سئلت الاستاذة رنين لماذا اختيرت لبرنامج «جماعي ومعاصر» أجابت أنها اختيرت ضمن ست متميزات لديهن شغف وخبرات وتجارب مميزة في رحلتهم الفنية، فمنهم من عمل في تنسيق المعارض الفنية والمتاحف، ومنهم من لديها العلم الفني و طرق تسويقه .
سئلت الأستاذة رنين عن الفائدة التي حصلت عليها من الالتحاق ببرنامج «جماعي ومعاصر» وقالت في الأسبوع الأول تعلمنا الكثير أثناء رحلتنا للمملكة البريطانية، من خلال تفاعلنا مع المحترفين العالميين في مدينتي «لندن ولفربول»، وحضرنا ورش عمل تحت أيدي المحترفين من فنانين وقيمين ومنسقين في بريطانيا. درسنا عن رحلة العمل الفني من منشأه لعرضه في المعارض والمتاحف والخطوات التي يمر بها العمل الفني .
البريطانية، وهو مركز معروف عنه أنه منبع ومولد الأعمال الفنية المبتكرة ويعطي فرص نادرة للفنانين لعرض أعمالهم، ولأنها في منطقة فقيرة تعتبر المركز الأمثل لعرض الأعمال المبتكرة لفنانين غير معروفين, حيث أنها تساعد الفنانين في عرض أعمالهم بدون مقابل، وقد كانت نقطة بداية لكثير من الفنانين المشهورين اليوم. وضمن البرنامج نظمت وايت شابل بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني ورش عمل فنية، واستضافت خبراء ومحترفين في مجال الفن والتقييم من جميع أنحاء العالم ليتبادلوا الخبرات والتجارب المختلفة، تتابع الاستاذة رنين حديثها «كان ذلك مفيدا جدا، لمجموعتنا لأننا تعلمنا منهم واستفدنا من خبراتهم وكوننا صداقات وعلاقات في مناطق مختلفة في العالم مثل نيوزيلندا، هونجكونج، كوريا والصين، والهند، وتركيا”. ويستمر البرنامج بورش عمل في الرياض لمدة اسبوع ثم ورش عمل في مدينة جدة وسنعود إلى الرياض ومن ثم إلى مدينة دبي في دولة الإمارات٠
ثم سئلت الأستاذة رنين هل تعتبري نفسك فنانة أجابت : لا ولكن نشأت حول فنانات في عائلتي ووجدت شغفي في الفن من الناحية الإدارية والتنسيقية وتنقلت في مناطق الشرقية المختلفة مثل الإحساء وسهات، واكتشفت أن سكان هذه المناطق من الحرفيين لديهم الخبرة الفنية كما أنهم يهتمون بالفن، وذهبت إلى رأس تنورة والخفجي، ورحلات برية إلى دبي، وعمان لغرض التعرف على الفن المحلي لهذه المناطق. وتنقلت في المنطقة الغربية في مكة المكرمة والمدينة المنورة وتعرفت على المهتمين بالفن والأثار وتوثيقها. رحلاتي هذه جعلتني أخوض تجارب مختلفة إلى أن وجدت شغفي في تقييم وتنسيق وإدارة الفن وهذا ماأعمل على تطويره في نفسي الآن٠
ثم التقت مجلة ديزاين بالمتدربة «مريم بلال» التي بدأت مشوارها العملي كمعلمة لغة إنجليزية ولكنها كانت تبحث عن اتجاه غير ربحي وأرادت مساعدة الآخرين في إيجاد توجهاتهم وميولهم٠ سمعت الاستاذة مريم عن برنامج «إدج أوف111 أريبيا» وهي مجموعة تهتم بالبحث عن مواهب جديدة واكتشافها وتطويرها وإدارتها. ومن هذا المجال وقع عليها أختيار المجلس الفني السعودي لتكون من الست المختارات لبرنامج «جماعي ومعاصر» لتشارك في برنامج تأهيل القيميات السعوديات .تتابع الاستاذة مريم أنها كانت أيضا من منسقين برنامج «كرو111سوي» المعني بإعطاء الموهوبين والفنانين مساحة لعرض أعمالهم الفنية، ثم التحقت بمجموعة «أثر» وهو معرض فني بجدة، تعملت فيه الإدارة والتنسيق، واشتغلت مع الفنانين لمساعدتهم في تحديد أهدافهم ومحاورهم الفنية. ووجدت شغفي في ذلك. ثم ترأست مجموعة فنانين باسم ٦٠٪ وتعلمت من التجربة الكثير عن التعامل مع الفنانين ومساعدتهم في تطوير فنهم. جذبني ذلك لمسألة التقييم الفني، وأردت أن أطور شغفي في التقييم و تَطَلَب ذلك أن أتعلم عن النظريات الحديثة في التفكير الناقد، والتقنيات المعاصرة في المعارض، وساعد ذلك الفنانين في إيجاد محاور وأهداف لأعمالهم الفنيه في المعارض والمتاحف. وخلال رحلتي مع البرنامج البريطاني تعرفت على شخصية مهمة في مجال الفن وهو «مايكل 111مورس» ومايميزه أنه يساعد الفنانين للوصول لأحلامهم .تتابع الأستاذة مريم، أن مقابلة شخصيات كهذا من خلال البرنامج لاتقدر بثمن. ومن خلال البرنامج عرضت علينا الأعمال الفنية المميزة والثمينة وسمحوا لنا بأخذها وعرضها كتدريب في ورش العمل وهذه كانت تجربة لاتقدر بثمن. سألت مجلة ديزاين الأستاذة مريم: تبدون كمتدربات أن لكن اتجاه وشغف بالتقييم فماذا استفدتن من البرنامج ؟
أجابت الأستاذة مريم وأقرت أن الإتجاه والرؤية والشغف لمجال التقييم الفني موجود لديهن ولكن ماينقصهم هو الخبرة والتجربة وهذا مانأمل أن نكتسبه من خلال البرنامج «جماعي ومعاصر» الذي لازال مستمرا. وقد اخترنا نحن الست عن طريق النت حيث اختاروا ثلاث متدربات من مدينة الرياض وثلاث من مدينة جدة.
وأخيرا تقابلت مجلة ديزاين مع الأستاذة داليا فطاني وهي فنانة منذ طفولتها كما حكت، وقد نشأت وتلقت تربية فنية لكونها محاطة بفنانات في عائلتها، وكانت والدتها رحمة الله عليها فنانة في منزلها، إذ كانت تجيد التصميم، وإعادة التصميم، وكانت تقوم بتغييرات في منزلهم بين الآونة والأخرى دون الإستعانة بمصممات ديكور. كما كانت أخت الاستاذة داليا الكبرى فنانة أيضا٠ وتتابع الأستاذة داليا أن رغم أنها محاطة بالفن إلا إنها لم تُقبل في أي جامعة في مجال الفن، ولم يسمح والدها بسفرها لطلب العلم خارج مدينة الرياض، مما جعلها أكثر حرصا على تطوير فنها حيث خاضت تجارب فنية كثيرة، واكتسبت خبرات في مجال الفن. ومن الجدير بالذكر أنها خاضت مجالات مختلفة قبل أن تجد شغفها. بدأت في ربيعها السادس عشر حيث شاركت في أعمال يدوية فنية تطورت لتجارة. ثم جربت الأستاذة داليا الغوص وكانت مدربة غوص لفترة، ثم جربت أعمال الصلصال الفنية، ثم تطرقت للرسم، وعملت إدارية في مستشفي. تتابع الاستاذة داليا «كل هذه التجارب صقلت خبراتي واكتسبت تجارب علمتني وساعدتني في عملي اليوم”. وطوال مدة عشرين عاما من الأعمال الفنية التي كنت أقوم بها كانت لنفسي أو للهدايا ولم أقيم معارض لعرض فني. ولكني انشأت عدة مجموعات فنية منها «إكزت» وكان الغرض منه تبادل الخبرات بين الفنانات في لقاء اسبوعيا. وشاركت فيها نساء في كل المجالات مثل البورسلين ، والجرافيتي « وغيرها من الفنون المختلفة. ثم بدأت مشروع «هوس» الذي كُتِب عنه في مجلتكم ديزاين، كان هوس ملتقى الفنانين من المجالات الفنية المختلفة، وقمنا بتجارب فنية وأسسنا مجموعة تناولت كل جوانب الفن، حيث كنا نقوم بمشاريع من الألف للياء وشاركنا بأعمالنا في مناطق مختلفة كالرياض والبحرين عام ٢٠١٣ ثم قررت أن أكون مدربة بعد الخوض في هذه التجارب، وتعلمت إدارة الفعاليات، وبدأت ستوديو فني للعامة تشارك فيه الفنانات، وتقوم بالعمل على أعمالها الفنية في مساحة آمنة تستوعب كل الفنانات الراغبات في مكان مناسب يمارسن فيها فنهن وشغفهن، وسميته «لوشا» ثم تطور ليصبح جمعية الثلاثاء السرية للفنانات، فأصبح منزلي ستوديو كبير يستوعب أعداد كبيرة من الفنانات. كان غير ربحي إلى أن اقترحت الفنانات أن أتقاضى أجرة لكل فنانة تستعمل الاستوديو، وتطور المشروع وحاز على شهرة بين فنانات الرياض. أعطتني هذه التجربة خبرة جعلتني قادرة على تعليم الإبداع الفني. وهذه رحلتي التي أوصلتني للبرنامج جماعي ومعاصر التابع للمجلس الثقافي البريطاني والمتعاون مع المجلس الفني السعودي،
ثم سألت مجلة ديزاين الأستاذة داليا عن القيمة التي استفادت من البرنامج الثقافي الفني جماعي ومعاصر؟
أجابت الاستاذة داليا فطاني أنها كانت بحاجة لخبرة تساعدها في مجال التعليم والمساعدة لتلاميذها الفنانات، وكانت الفرصة ممتازة لها مع البرنامج مكنتها من التفاعل والتناقش مع كبار القيمين والفنانين في بريطانيا ولفربول واكتسبت آخر النظريات والخطط المعاصرة لتنسيق وتعليم الفن وإدارة المعارض. مما سيساعدها في تطوير استوديو لوشا وليكون مركزا محترفا لتعليم الفن للفتايات،وهذه قيمة أعتز بها وسأستفيد منها دائما.
تتابع المتدربات البرنامج حيث تقام ورش العمل في مدن مختلفة في المملكة وخارجها لتأهيل القيمات وتعريفهم على أخدث أساليب الإبداع الفني وتقييمه وإدارته بطريقة محترفة وعالمية... .