الفن التشكيلي السعودي (الإرهاصات - البدايات):
كان ظهور الفن التشكيلي في السعودية متأخراً مقارنة بغيره من الدول العربية في الشام ومصر والعراق، حيث ارتبطت نشأته بعام 1377هـ - 1958م، والذي فيه اعتمدت وزارة المعارف مادة (الرسم) كمادة أساسية ضمن مواد التعليم العام في السعودية.
وهذا الأمر ليس تحديداً نهائياً وقاطعاً لهذه النشأة التاريخية حيث إن هناك إرهاصات ومحاولات تشكيلية، قام بها مجموعة من الفنانين التشكيليين على المستوى الشخصي والإسهام الفردي.
ولقد قسّم بعض الباحثين تاريخ الفن التشكيلي في السعودية إلى أربعة مراحل وذلك بحسب نموه وتطوره، وكل مرحلة لها سماتها الخاصة، فمثلاً يذكر الباحث " كانت المرحلة الأولى: (1953م – 1970م)، والمرحلة الثانية: (1971م- 1980م)، والمرحلة الثالثة: (1981م- 2002م)، وهي مرحلة الانطلاق والانتشار للفن التشكيلي داخلياً، والتعريف به خارجياً، أما المرحلة الرابعة: فهي من عام ( 2003 حتى الآن)". كما أن هذا الكتاب يُكمل كتاباً سابقاً عن مسيرة الفن التشكيلي السعودي، ولعل السمة البارزة لهذين الكاتبين تبدو من خلال التسجيل التاريخي المحض من حيث الرصد الزمني لأسماء الفنانين السعوديين وتواريخ ميلادهم ووضع صوراً لبعض أعمالهم الفنية.
ولعل أولى تلكم الإرهاصات التاريخية لبداية الفن التشكيلي في السعودية، كانت في عام 1384هـ/1964م، عندما أقام الفنان (عبد الحليم رضوي) أول معرض فني تشكيلي له، وللفن التشكيلي بصفة عامة في السعودية، وذلك في مدينة جدة، ثم الرياض ثم المنطقة الشرقية، وذلك في نفس العام الذي تخرج فيه من أكاديمية الفنون الجميلة بروما، والتي حصل من خلالها على دبلوم أكاديمية الفنون الجميلة، فقد كان لهذا المعرض أهمية كبرى. كما أستطاع أن يقيم عدة معارض شخصية له في المدن الكبرى بالسعودية، مما شجع الفنانين السعوديين الذين درسوا في إيطاليا أن يتوجهوا نفس توجهه.
ويعتبر(عبدالحليم الرضوي) على حد اتفاق الكثيرين من أهل الفن والإعلام أول فنان سعودي، ورائد للحركة التشكيلية في المملكة، لكن التاريخ يذكر أن هناك فنان سبقه وسبق الجميع تاريخياً ألا وهو الفنان (محمد راسم) الذي ولد في مدينة الطائف عام 1909م، وتوفى في عام 1973م، حيث يعد (محمد راسم) أول فنان تشكيلي سعودي، سافر إلى تركيا وتلقى تعليمه في معهد الفنون الجميلة بإسطنبول عام 1933م.